مريض الإيدز.. إلى متى وصمة العار؟

 

وقفت طويلا عند مقال للكاتب أحمد عجب الزهراني بعنوان «خدوا الإيدز بالأحضان»، حين أعادنا إلى بدايات التعامل مع حالات الإيدز عندما كان الجهل سيد الموقف، آنذاك كان المصاب به محكوما عليه بالإعدام سلفا، فهو المجرم وهو العار ولا يستحق الحياة ولا التعايش.

ورغم التقدم العلمي الذي أكد الكثير من الحقائق العلمية بالأدلة العلمية والبراهين، إلا أننا لا نزال نجد من الطبقة المثقفة من ينسف جميع التطور العلمي ويرجع بالمجتمع إلى المربع الأول، في حين قفز العالم قفزات هائلة في مجال التعامل مع مرض الإيدز والمصابين به، ألم يأمر ديننا الإسلامي السمح بالعدل والإنصاف للجميع، فما بالك بمن قدر الله عليه بهذا المرض.

أستغرب عندما يؤكد العلم أن المرض لا ينتقل باللمس ولا بالحضن ولا بالقبلات، وإنما فقط عن طريق الاتصال الجنسي المباشر ونقل الدم والمخدرات ويتم إثبات ذلك علميا بأبحاث مكثفة ونتائج غير قابلة للتأويل، ويأتي من يشكك في ذلك، خصوصا من غير أهل العلم.

أليس من حق مريض الإيدز أن يتوظف ويجد مصدرا لرزقه ورزق عياله؟

هل من الإسلام فصله من وظيفته أو دراسته لأسباب واهية؟ لاسيما أن العلم فندها جميعا، وأكد عدم خطورة الانتقال، إلا في مجالات محدودة وضيقة جدا، ومصنفة من المتخصصين، وأفاد بأن 90% من الوظائف لا تعاني من خطر الانتقال.

كما أكد العلم بفضل الله ثم التطور في الأدوية أن نسبة الانتقال للجنين تصل الى 1 في الألف.

هذه حقائق وليست مبالغات كما ادعى الكاتب.

ومن الحقائق أيضا أن مرض الإيدز مزمن وليس قاتلا، ولا يمكن تشبيهه بالسرطان أو الجذام.

أنا لا أدعو إلى التساهل في أخذ الحيطة والحذر والوقوع في ما يسبب الانتقال من الجنس المحرم والشذوذ والمخدرات، ولكن هناك مسؤولية على عاتقنا كأطباء ومجتمع بالكامل، فيجب طمس وصمة العار التي ترافق المريض أينما ذهب، ويجب احتواء تلك الفئة من المرضى وإتاحة الفرصة للحياة والوظيفة والزواج بناء على قواعد وتوجيهات علمية تحدد من قبل المختصين، من منطلق الاتباع لديننا الإسلامي أولا.

أولئك المرضى لهم حقوق تتمثل في التوظيف والاحتواء ونبذ وصمة العار، وعليهم واجبات تتمثل في المحافظة على عدم نشر العدوى لغيرهم في المجتمع.

فإن نحن قصرنا في إعطائهم حقوقهم تأكدوا أنهم سيقصرون في أداء واجباتهم، وسيكون تكريسا لنظرة الانتقام من المجتمع ونشر المرض بشكل أكبر.

في النهاية يجب أن نمسك العصا من المنتصف، فالإيدز مرض مزمن وشديد الخطورة لمن يهمل العلاج والمتابعة، ولكنه ليس حكما بالإعدام والفقر.

* استشاري الأمراض المعدية في مستشفى الملك فهد العام بجدة

.

المصدر : https://www.okaz.com.sa/citizen-voice/na/1516682